
ما صحة القصة التي رواها ابن عباس رضي الله عنهما أنّ جبريل عليه السلام كان يعتني ويطعم السامري ، حيث كان طفلاً ، وض,,عته أمه في أحد الك,,هوف ، وبسبب ذلك تمكن السامري من معرفة جبريل عليه السلام حين شاهده ، ف,,قام بقب,,ض قبـ,,ـضة من أثره ؟ وأرجو ذكر الدليل إذا كانت القصة صحيحة .
الجواب
أولا :ذكر بعض المـ,,ـفسرين أن فرعون كان يق,,تل البنين ممن يولد لبني إسـ,,,ـرائيل : سنة ، ويدعهم سنة ، وأن السامري ولد في السنة التي يقتل فيها البنون ، فوض,,عته أمه في كهف خۏفا عليه ، فبعث الله إليه جـ,,ـبريل لير,,بيه ويغذيه ؛ ولذلك عرفه حين شاهده ، فقبـ,,ـض قبض,,ة من أثره .
فروى ابن جرير عن ابن جُرَيج ، قال : ” لما قتـ,,ـ.ل فرعون الولدان ، قالت أمّ السامريّ : لو نحيتُه عني حتى لا أراه ، ولا أرى قتله ، فجعلتْه في غـ,,ـار ، فأتى جبرائيل ، فجعل كفّ نفسه في فيه ، فجعل يُرضـ,,ـعه العسل واللبن ، فلم يز,,ل يختلف إليه حتى عرفه ، فمن ثم معرفته إياه حين قال : ( فَقَبَ,,ضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) ”
انتهى من ” تفسير الطبري ” (18/ 361) .
وقال البغوي رحمه الله :
” فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ عَرَفَهُ وَرَأَى جِبْرِيلَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ ؟ .
قِيلَ : لِأَنَّ أُمَّهُ لَمَّا وَلَدَتْهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا الْبَنُونَ ، وَضَ,,عَتْهُ فِي الْكَهْفِ حَذَرًا عَلَيْهِ ، فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ لِيُرَبِّ,,يَهُ لِمَا قَضَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْفِ,,تْنَةِ ” انتهى من ” تفسير البغوي ” (5/ 292) .
وقال القرطبي رحمه الله :
” رُوِيَ فِي قَصَصِ الْعِجْلِ : أَنَّ السَّامِرِيَّ ، وَاسْمُهُ مُوسَى بْنُ ظَفَرَ ، يُنْسَبُ إِلَى قَرْيَةٍ تُدْعَى سَامرةَ . وُلِدَ عَامَ قَتْ,,لِ الْأَبْنَاءِ ، وَأَخْفَتْهُ أُمُّهُ فِي كَهْفِ جَبَلٍ ، فَغَذَّاهُ جِبْرِيلُ فَعَرَفَهُ لِذَلِكَ ” انتهى من ” تفسير القرطبي ” (7/ 284) .
وانظر : ” تفسير الخا,,زن ” (3/ 211) .
وأنشد بعضهم :
فموسى الذي رباه جبريل کـ,,ـافر ** وموسى الذي رباه فرعون مرسل
انظر : ” تفسير الألوسي ” (2/ 213) ، ” تاج العروس ” (12/ 82) .
وهذا لا يعرف له أصل في نصوص الشريعة ، فلا يعـ,,ـول عليه ، بل ذكر العلامة المحقق الطاهر ابن عاشور رحمه الله في تفسيره ” التحرير والتنوير ” (16/ 296) : أن هذا لا يوجد – أيضا – في كتب الإسرائيليين !!
قال ابن عطية رحمه الله :
” وسبب معرفة السامري بجبريل ، ومَيْزِه له ، فيما روي : أن السامري ولدته أمه عام الذ,,بح ، فطرحته في مغـ,,ـارة ، فكان جبريل عليه السلام يغـ,,ـذوه ويحميه ، حتى كبر وشب ، فميزه بذلك .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضع,,يف ” انتهى من ” تفسير ابن عطية ” (4/61) .
ثانيا :
نقل مثل هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما : منكر لا يصح ، فإنها من رواية الكلپي عنه ، كما ذكر الرازي في تفسيره (22/95) ؛ وطريق الكلپي : هو طرق رواية التفسير عن ابن عباس .
قال السيوطي رحمه الله :
” وأوهى طرقه – يعني طرق التفسير عن ابن عباس – طريق الكلپي عن أبي صالح عن ابن عباس ، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكـ,,ـذب ” انتهى من ” الإتقان في علوم القرآن ” (2 /497-498) .
وينظر : ” الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ” (ص 316) .
وينظر في ترجمة الكلپي ، ورد مروياته : ” م,,يزان الاعتدال ” (3 /557-559) .
ثالثا :
قد قيل في تأويل ذلك أيضا : أنه السامري ألقى في روعه : أنك إِنَّ أخذت مِنَ أثر هَذَا الفرس قبضة ، فأل,,قيتها في شيء : كان لك ما تريد ، كما قال عكرمة فيما رواه ابن أبي حاتم في تف,,سيره (7/ 2431) بسند صحيح عنه .
وقال ابن الجوزي رحمه الله : ” قال المفسرون : فقال له موسى : وما ذاك ؟ قال : رأيت جبريل على فرس ، فأُلقي في نفسي : أن اق,,بض من أثرها ، فَقَبَضْـ,,ـتُ قَبْضَـ,,ـةً ” انتهى من ” زاد المسير” (3/ 174) .
وانظر للفائدة : إجابة السؤال رقم : (212750) .
والله أعلم